حسن شاهين
رفح-فلسطين برس
رفح-فلسطين برس
كأي سائق آخر، يقف الثلاثيني الأصم علاء النحال صبيحة كل يوم بين عشرات السائقين بموقف السيارات وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يُشير بيديه للركاب، ليملأ سيارته، طائفا بهم أرجاء المدينة، يقتات من خلال مهنته هذه لإطعام عياله.
وللوهلة الأولى، ترى النحال شخصًا عاديًا كغيره من السائقين، يُشير للركاب، ويفهمهم من حركات الشفاه، لكن عندما تقترب منه وتحاول التحدث معه، تدرك أنه أصم، لا ينطق سوى ببعض الحروف البسيطة.
ويحرص النحال على الحضور يوميًا مبكرًا لموقف السيارات وسط رفح وبالتحديد موقف "خربة العدس" حيث مكان سُكناه، ويحجز دورا لسيارته، حتى بات معروفا بين الركاب والسائقين على حد سواء.
سائق ماهر
وبلُغة الإشارة، أشار النحال لـ"صفا" إلى أنه تعلق بهذه المهنة مُنذ أن كان في الثانية عشرة من عمره، ويعمل بها مُنذ حوالي
ويضيف "مُنذ عشرة أعوام حصلت على رخصة قيادة من أحد مدارس القيادة برفح، ونجحت من أول اختبار(تست)، وبعدها قمت بشراء سيارة مرسيدس، وباشرت العمل على مُختلف الخطوط داخل وخارج المدينة".
لكنه اضطر لبيع سيارته السابقة، وبدأ مؤخرًا بالعمل على سيارة بالإيجار. ويبيِّن أنه لم يتعرض لأي حادث سير طيلة فترة العمل المذكورة على سيارته..!، سوى حادث سير واحد لم يكن هو المتسبب به، عندما اصطدم به جيب شرطة كان يسير مُسرعًا، حسبما "قال".
وبابتسامة علت وجهه، أكد السائق الأصمّ أنّ غالبية السائقين والركاب باتوا يعرفونه ويعرفون أنه أصم، ورغم ذلك يحبذون الركوب معه، بسبب مهارته في القيادة والتي تفوق مهارة السائق المُعافى، على حد تقدير من حوله.
مع الركاب!
وفيما إذا كان يواجه صعوبة في التعامل مع الركاب عند إنزالهم بأماكن سُكناهم، يؤكد النحال عدم وجود أي صعوبات تواجهه أثناء
ويقوم بعض الرُكاب كذلك بالتربيت على كتفه بهدوء عندما يريدون النزول، فضلا عن أنه يعمل في المنطقة التي يقطن بها حاليًا، الأمر يسهل عليه معرفة مكان نزول كل شخص، مما يجنبه الوقوع في إشكالات مع بعض الركاب، لاسيما النساء.
ويتمتع النَّحال بذاكره قوية تجعله يتمكن من التغلب على صعوبات هذه المهنة الشاقة، فهو يحفظ الطرق التي يدخلها بُمختلف مُدن القطاع، ويحفظ أشكال كثير ممن يركبون معه دائمًا، ولديه القدرة على التعامل مع أي خلل بالسيارة أيا كان، ويقول بلغة الإشارة "تخلعت أسناني من السيارة".
صاحب السيارة
أما "أبو محمد" -صاحب السيارة التي يعمل عليها الأصم النحال- فيشيد بمهارة صاحبه في قيادة السيارة، لافتا إلى أنه يعمل على
ويضيف "عند بداية العمل، سألنا عنه الكثير من السائقين، وأثنوا على قيادته للسيارات على اختلاف أحجامها، وجدنا فيه الرجل المُخلص والمُحترم الذي يسعى لجني قوت أسرته المكونة من 7 أفراد بعرق جبينه، من خلال عمله بهذه المهنة الشاقة والصعبة".
إشادة بالقيادة
ويُشيد السائق أحمد ضهير -الذي يعمل مُنذ عامين ونصف على سيارة أجرة- بقيادة نظيره النحال، ويقول: "علاء يعمل بشكل عادي على السيارة دون مشاكل، ولا تكاد تميزه عن أي سائق آخر، ويعمل داخل كراج السيارات ويجمع الركاب دون أي صعوبة".
أما الرَّاكب هيثم قشطة، فيُشيد هو الآخر بجدارة السائق النحال بالقيادة، مؤكدًا على أنَّه يحفظ كافة الأماكن وغالبية بيوت الركاب، فضلا عن أنه محبوب جدًا من قبل الكثير من الركاب، ويفضل الكثيرون الركوب معه دون أي خوف على حياتهم.